الموضة في الجزائر هي انعكاس حقيقي لتاريخ البلاد وثقافتها وهويتها الوطنية. من الملابس التقليدية المصنوعة يدويًا إلى الاتجاهات الحديثة، ترك كل عصر بصماته. لكن هل تساءلت يومًا كيف انتهى الأمر ببلد غني بالتنوع الثقافي والتاريخي إلى تبني أنماط الموضة التي نراها اليوم؟
في هذا المقال، غادي تسافروا معانا في رحلة شيّقة عبر تاريخ الموضة في الجزائر، ونتابعوا تطورها عبر العصور، من النشأة والأصول الأولى، إلى الأزياء العصرية لي تتجسد اليوم في الشوارع الجزائرية، والتي مزجت بين الموروثات المحلية والتأثيرات الغربية

تراث غني: جذور الموضة التقليدية في الجزائر
الملابس في الجزائر كانت دايما وسيلة للتعبير عن الانتماء الاجتماعي، الديني والسياسي، كيما كانت تمثل في بعض الأحيان أداة للمقاومة والتحرر. وتأثرت الموضة هنا بكل من الهوية البربرية، العربية والعثمانية، وخلقت أساليب فريدة من نوعها آخذة من تفاصيل كل حقبة..
التأثير البربري: صناعة يدوية أصيلة
الأمازيغ يشكّلوا جزء أساسي من تاريخ وثقافة الجزائر، نتيجة استقرارهم في مناطق مختلفة من البلاد من بكري، والملابس البربرية تتميز بتصاميمها المركبة وألوانها الزاهية، النساء كانوا يلبسوا في الخارج "الحايك" وهو عبارة عن عباءة بيضاء تغطي الرأس وكل الجسد، وفي داخل المنزل "الجبة القبائلية" وهي فستان تقليدي يتميّز بتنوع الألوان والزخارف الهندسية.
أمّا الرجال فيرتدون السراويل الفضفاضة التي تعرف ب "سروال اللوبيا"، بلا ما ننساو "البرنوس" وهو لباس من قطعة واحدة تغطي الجسم من الكتفين حتى القدمين، فيه "قلمونة" تغطي الرأس، وهو بدون أكمام، يكون مفتوحاً من الأسفل إلى أعلى الصدر، فالشخص لي يلبسو يبان عنده جناحتين. حتى عبدالرحمن ابن خلدون في كتابه "ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر" ذكر هذا اللباس التقليدي،".
“إنّ حدود بلاد البربر تبتدئ حيث الرجال يرتدون ’البرنوس‘، وتنتهي حيث الناس لا يأكلون الكسكسي (طعام شعبي من الطحين)”
— عبدالرحمن ابن خلدون - ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر

التأثير العربي والعثماني: مزيج بين الاحتشام والأناقة
الفترة العثمانية جابت المزيد من الرفاهية إلى الملابس الجزائرية، مع إدخال الأقمشة الفاخرة والزخارف التفصيلية، خاصةً خلال فترة حكم الدايات في الجزائر كيما القفطان: وهو عبارة عن رداء مفتوح من الجهة الأمامية وفيه أزرار من ناحية الصدر، أكمامه قصيرة توصل إلى المرفقين، طوله يصل إلى منتصف الساقين، وفي بداية القرن ه 13 / 19م أصبح للقفطان شكل مختلف عن ذي قبل، فأصبح طويلا حتى القدمين. الكراكو: وهو عبارة عن سترة مفتوحة من الأمام تغلق بواسطة دبابيس أو مشبكات أسفل الخيوط، يصنع "الكراكو" من الحرير أو القطيفة، يطرزوه بالذهب أو الفضة، اشتهرت بهذا اللباس المرأة العاصمية، خاصة في الأعياد والمناسبات.

التأثير الاستعماري: بين الموضة الأوروبية والموروث التقليدي
خلال فترة الاحتلال الفرنسي ورغم تأثر بعض الجزائريين في المدن الكبرى بالموضة الفرنسية كيما السراويل والفساتين والقبعات الباريسية، إلا أنّ المناضلين في مختلف مناطق الوطن بقاو متشبثين بهويّتهم وملابسهم التقليدية، وارتبط لباس "القشّابية" بالكفاح ضد الاستعمار الفرنسي (1830- 1962) في البلاد.ورغم أن "القشّابية" لباس رجالي شتوي، بصّح هو مصنوع بأيادي نسائية من وبر الجمال وصوف الأغنام، وكان لباس الثوار في المدن والجبال والقرى، كيما كان ثاني مخبأ للأسلحة لي نفذو بها العمليات الفدائية إبّان الاستعمار الفرنسي للجزائر.

ما بعد الاستقلال: اللباس التقليدي بحلة جديدة
الستينات والسبعينات: مرحلة انتقالية مميّزة
في هذه الفترة مجال الموضة في الجزائر عرف انتعاش كبير، برز الكثير من المصممين، وجددوا الأزياء التقليدية باش تولّي بلمسات عصرية، واستخدموا أقمشة وقصّات جديدة، كيما "القندورة"،"الجبّة" أو "العباية" لي دارولها بزاف التعديلات والتصاميم، الشي لي خلّاها ترضي مختلف أذواق النساء وتغطّي السوق الجزائري.

الموضة الجزائرية المعاصرة: بين الهوية المحلية والاتجاهات العالمية
اليوم، الموضة في الجزائر تشهد تنوع كبير في الستايلات، وهذا ما يعكس الاتجاهات العالمية من جهة، وذوق الأفراد المحليين من جهة أخرى.
أبدع العديد من المصممين في السنوات الأخيرة كيما "كريم أكروف" و " سمير كرزابي" في إعادة تصميم الملابس التقليدية كيف "القفطان"، "البلوزة الوهرانية" و "الملحفة الشاوية"، مركّزين في أعمالهم باش يعطوا لللّباس التراثي الجزائري شكل جديد دون التفريط في الهيكل القديم تاعه.
أمّا الشباب الجزائريين فتبنوا في الشوارع أنماطا مختلفة من الألبسة، بما فيها القمصان الواسعة، (الأوفر سايزد) ، السترات (الفيستات) تع الجلد ، الأحذية الرياضية، والدنيم (الدجين). والجزائريون يخلطوا بين الماركات الفاخرة والتصاميم المحلية، مما يخلق مزيجًا من الأساليب الأنيقة والعمليّة لي تناسب الحياة الحضرية


في الأخير، نقدروا نقولوا بلّي الموضة في الجزائر ماهيش مجرّد ملابس ولّا قطع تتلبس، بل هي انعكاس قويّ لحكاية بلد صنع هويته عبر التاريخ، ونجح الجزائريون في الحفاظ على انتمائهم العربي والإسلامي، وإبرازه في كل من أزيائهم التقليدية والحديثة.
ونتوما؟ واش رايكم؟ شاركونا في التعليقات بأفضل فترة للموضة في الجزائر حسب رايكم.